و هي العلم الشريف و التزكية للنفس و الدعوة إلى الله .. و النجاح و الفلاح في المهمة العظيمة في هذه الحياة يكون باقتران هذه المقاصد الثلاثة .. و التوازن فيها .

فالمتعمق في واحد منها دون الأخريات يكون عنده خلل و زلل .. و ينتج عنه في الأمة تخالف وتنازع و تنافس بالباطل إلى غير ذلك .

قال تعالى في سورة محمد : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا اللَّهُ) علمٌ .. و ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ) سلوكٌ .. ( و لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ) دعوةٌ .. ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) سياجٌ لذلك كله .

فأخذ العلم بلا تزكيةٍ للنفس و تطهير ٍ للقلب ربما يؤدي إلى التهلكة كما حصل للسامري ، قال الله تعالى فيه:

( أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ) سورة الجاثية ( آية : 23 ).

و من أراد سلوك الطريق إلى الله و القرب منه فلا يمكنه إلا من خلال معرفة أحكامه .

و إلى هذا يشير الإمام مالك رحمه الله بقوله : من تصوّف دون أن يتفقه فقد تزندق ، و من تفقه دون أن يتصوّف فقد تفسق .

  ثم إن هذين الأمرين في الأمة لا يكونان إلا بوظيفة الدعوة إلى الله و النيابة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فإنه لا نبي بعده .. إنما خلافة و وراثة ، وهو ما ميّزنا الله به في قوله ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ۗ ) سورة آل عمران ( 110 )

و هنا نبيّن بإيجازٍ ما نحتاج من كل مقصدٍ .

المقصد الأول

تحصيل العلم الشريف

وهو ما تولى الله سبحانه بيانه في كتابه ثم جاءت السنة بتفصيله .. ثم ما فهمه الصحابة و أهل العلم من هذه النصوص .. وهو رأس العلم .. وهوالحاكم على كل العلوم .

أما العلوم الأخرى البشرية فإن الإنسان يسعى لها بجبلته و طبعه .. وهي وسائل و آلات إذا استعملت على وفق هذا العلم نفعت و أثمرت في الدارين .

و أهل العلم جعل الله لهم الشرف و المنزلة عنده قال تعالى ( شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُو الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ..الأية ) آل عمران (آية : 180 ) و قال صلى الله عليه وسلم ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة ) .

و قال في الزبد :

و العلم أسنى سائر الأعمال      وهو دليل الخير و الإفضال

المطلوب في هذا المقصد :

تحصيل العلم الواجب الذي لا يسع مسلما الجهل به

تحصيل القدر اللازم الذي يحتاجه الداعية لتأدية واجب الدعوة إلى الله و تعليم مبادئ العلم في الحلقات المبتدئة

تحصيل متوسطات المتون التي تؤهل لإقامة حلقات الإرث النبوي .. و التأهل لاستكمال طلب العلم عند المشائخ و التخصص في أحد فنون العلوم الشرعية

التدريب على المطالعة للكتب و البحث العلمي .

دورات تدريبية في بعض المهارات العلمية .

بيان الشبهات و الرد عليها .

المقصد الثاني

التزكية للنفس ... و التربية الروحية

و نبينا صلى الله عليه وسلم أمر بالتزكية مع التعليم ، بل تقدم ذكر التزكية على التعليم ، و قد أدّب هذه الأمة ورباها أحسن التربية و التأديب . و حمل سر هذه التربية ورثته من بعده رضي الله عنهم .

و لذلك في منهج الإرث النبوي نصيبٌ كبيرٌ من الاهتمام بذلك .

منهج التزكية :

كتبٌ تُدرس على شيخٍ مؤهلٍ و يجتهد الطالب بالعمل بما فيها و هي :

رياضة الصبيان

بداية الهداية للإمام الغزالي

رسالة المعاونة للإمام الحداد

قبس النور المبين مختصر إحياء علوم الدين للحبيب عمر بن حفيظ .

القيام بالفرائض و المحافظة على الجماعة و المواظبة على النوافل .

حفظ الجوارح من المعاصي .

ملازمة الآداب و السنن النبوية .

تزكية النفس وتطهير القلب و تصفية الصفات .. على وفق قواعد القوم .

أنشطةٌ عمليةٌ في التزكية كأربعين يوم للمحافظة على تكبيرة الإحرام ، التخفيف من الطعام ، ترك كثرة الكلام مع الناس .. إلخ .

الإتصال بسند التربية ... بالارتباط بالشيخ المربي بالشروط المعتبرة عند القوم

لابد للمشاركين في منهج الإرث النبوي من :

مجلسٌ لذكر الله يجتمعون فيه على ذكر الله تعالى و قراءة الأوراد ، ليعين القويُ الضعيف و يسري سرّ الذكر فيهم .

مجلسٌ للذوق و المعاني .. و سماع الإنشاد الرائق من كلام العارفين بالله .. وسماع أخبارهم و قصصهم فإن ذلك يقوّي العرى والروابط بأهل الله .. و يعجّل الفتح للطالب .

التزام الطالب بالوظائف الخمس المهمة في السلوك مع الآداب ،و يمكن في البداية أن يتم الإشراف المباشر عليه في ذلك ، وهذه الوظائف هي :

تلاوة كتاب الله تعالى .. فلا بدّ من وردٍ من كتاب الله كل يومٍ وليلة و أدناه نصف جزءٍ مع حضور قلبٍ و حسن ترتيلٍ و تدبر معانيه .. و يسعى لأن يكون ورده جزءً.

نوافل الصلوات .. اثنى عشر ركعة من الرواتب ، و ركعتين في الضحى ، وثلاث الوتر ، وصدقة شهرية حسب المستطاع .

الذكر لله تعالى .. و هو سلطان القرب ومنشور الولاية وروح العبادات و مقصودها .. وطالب العلم إذا لم يكن له منه نصيب كان علمه أجوف و لا نور له ولا بهجة .. فلابدّ من وردٍ في الصباح و في المساء و أدناه الورد اللطيف للإمام الحداد صباحًا و مساءً .

و ورد الشيخ أبي بكر بن سالم و الراتب الشهير أو راتب العطاس مساءً .. و لا يغفل عن الأذكار التي حث عليها رسول الله و هي :

-١     لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك و له الحمد يحي ويميت و هو على كل  شيء قدير 100 مرة .

-٢    سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم 100 مرة .

-3 سبحان الله و الحمد لله و لا إله إلا الله و الله أكبر 100 مرة .

-4 لا حول و لا قوة إلا بالله العلي العظيم 100 مرة .

-5 ربي اغفر لي و تب علي إنك التواب الرحيم 100 مرة .

-6 الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 300 مرة .

المطالعة و القراءة في كتب العلم .. لابد للطالب من اعتياد المطالعة في كتب العلم و كتب التزكية و بعض كتب السيرة و التاريخ و الفكر لتتسع ثقافته و مداركه العلمية .

التفكر ، و ذلك حسب مجاريه السبعة التي ذكرها الإمام الحداد في كتاب رسالة المعاونة .

الآداب : مما ينبغي أن يعتني به طالب العلم و المحصّل للإرث النبوي :

العناية بالزيّ المناسب كلبس الثوب الأبيض و القلنسوة مع المحافظة على النظافة .

الوقار و السكينة في المشي و الكلام و الضحك فلا يليق بطالب العلم كثرة المزاح و القهقهة و الصخب .

الحذر من صحبة الأغيار ولو كانوا من الأقارب فليس هناك شيء أضر على الطالب من صحبة الغافلين و أهل اللهو فإنهم يجرونه إلى ما هم فيه .

الأدب في حضور الحلقات بحسن الهيئة و الجلوس .

الأدب مع المعلم و الإحترام له مثل القيام له و حسن المصافحة له و عدم التقدم عليه في المشي و خفض الصوت في الحديث معه  و حسن الظن به و الاستمداد منه و معرفة أنه حبله للصلة بالسلسة المباركة العلمية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

المقصد الثالث

الدعوة إلى الله و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضةٌ عظيمة ، و هي مهمة الأنبياء و المرسلين .. و هي أمانة الله لعباده ... و هي طلب هداية الخلق و تقريبهم إلى الله تعالى .

فلابد من غرس هذا الهمّ في قلب الطالب .. و تدريبه على هذه المهمة من خلال الأعمال التالية :

دراسة بعض الكتب الدعوية مثل :

الطوالع السعدية ببيان الطوالع الفردية .

معالم الدعاة .

مقاصد حلقات التعليم .

قراءة كتاب الدعوة التامة للإمام الحداد .

الإطلاع على الواقع و مناقشة المشاكل المعاصرة مثل :

التعامل مع الطوائف و الفرق و المذاهب .

الحداثة و الإلحاد .

بعض القضايا التي يكثر الحديث عنها .

دراسة فقه التحولات .

التدريب على :

-1      الدعوة الفردية . 

-2      الخطابة .

-3      التدريس .

-4      إدارة فريق العمل .

-5     الخروج و السفر في الدعوة إلى الله